قالت منظمة “مراسلون بلا حدود” إن الصحفيين المستقلين في المغرب يواجهون ضغوطاً متواصلة، في وقت أحكمت فيه حكومة رئيس الوزراء ورجل الأعمال النافذ عزيز أخنوش قبضتها على المشهد الإعلامي بشكل شبه كامل.
وجاء في تقرير المنظمة الصادر اليوم الجمعة 02 ماي الجاري: “في المغرب، لا تزال تعددية الصحافة مجرّد واجهة شكلية، إذ لا تعكس وسائل الإعلام السائدة تنوع الآراء السياسية في البلاد. ويُواجه الصحفيون المستقلون والمؤسسات الإعلامية الناقدة ضغوطاً كبيرة، في ظل انتهاك الحق في الحصول على المعلومات لصالح آلة دعائية ضخمة، بينما يُستخدم التضليل الإعلامي كأداة لخدمة أجندات السلطة.”
وأشار التقرير إلى أن هذه الضغوط الخانقة أدّت إلى اختفاء آخر معاقل الصحافة المستقلة، بعد توقف صحيفة “أخبار اليوم” عن الصدور في أبريل2021، لتصبح منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المصدر الأساسي للأخبار بالنسبة لعدد متزايد من المواطنين.
وأكدت المنظمة أنه منذ فوز حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات التشريعية عام 2021، لم يدخر رئيس الحكومة عزيز أخنوش جهداً في ممارسة الضغط على الصحفيين الناقدين، من خلال ملاحقتهم قضائياً والتأثير على التوجهات التحريرية لوسائل الإعلام ذات الانتشار الواسع، مستخدماً نفوذه المالي لتحقيق ذلك. كما طالت القيود المالية المنصات الإعلامية المعارضة، مما قوض قدرة الصحافة على الخوض في قضايا الفساد المرتبطة بتسيير الشأن العام، وجعل من محاولة كشف هذه الملفات مخاطرة باهظة الثمن، قد تؤدي إلى تبعات قانونية ومالية جسيمة.
وأضاف التقرير أن الصحفيين في المغرب يعملون منذ سنوات ضمن سياق محفوف بالمخاطر، وسط خطوط حمراء عديدة تحيط بالمواضيع الحساسة.
ورغم أن الدستور المغربي يكفل حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات، ويمنع الرقابة المسبقة وينص على احترام التعددية من قبل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، إلا أن التطبيق على الأرض لا يعكس ذلك. وأشارت المنظمة إلى أن قانون الصحافة الصادر في يوليوز2016، ورغم إلغائه العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، لم يمنع السلطات من اللجوء إلى القانون الجنائي لملاحقة الإعلاميين الناقدين. كما أن غياب الضمانات القانونية لحرية التعبير، وتراجع استقلالية القضاء، وازدياد الدعاوى القضائية، كلها عوامل تدفع الصحفيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية.
وسجّل التقرير أيضاً أن قرار حل المجلس الوطني للصحافة واستبداله بلجنة مؤقتة عام 2023 يمثل تراجعاً خطيراً في مسار التنظيم الذاتي للمهنة.
وتطرق التقرير إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها وسائل الإعلام المستقلة، مشيراً إلى أن هذه المؤسسات تعاني صعوبات مالية حادة تحول دون تحقيق الاستقرار والاستمرارية، في وقت تنعم فيه الصحافة الموالية للسلطة باستقرار مالي نسبي، بفضل سهولة الوصول إلى الموارد.
ووفق التقرير، فإن المجتمع المغربي يستهلك المحتوى الصحافي المستقل، لكنه لا يبدي استعداداً للدفاع عنه، في وقت تنتشر فيه ظواهر التضليل الإعلامي وصحافة “البوز” والإثارة، التي تنتهك الخصوصية وتُسيء لصورة المرأة.
كما لفتت المنظمة إلى أن الصحفيين المستقلين يتعرضون في السنوات الأخيرة لحملات تشهير ممنهجة، غالباً ما تُرافق قضايا جنائية ملفقة تتعلق بالآداب العامة، مثل الاغتصاب، والاتجار بالبشر، والعلاقات غير القانونية، والإجهاض، والتي تتناقلها وسائل إعلام مقربة من السلطة.
وشددت على أنه وبالرغم من العفو الملكي الصادر في 30 يوليوز 2024، الذي شمل صحفيين مثل توفيق بوعشرين، عمر الراضي، وسليمان الريسوني، قد بعث الأمل في انفراج جزئي، إلا أن الضغوط تتصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في 2026، وسط استغلال متزايد من رئيس الوزراء لصلاحياته لتقييد العمل الصحافي، في حين كثف وزير العدل عبد اللطيف وهبي من ملاحقاته للصحفيين خلال العام الجاري.