بلغت حملة القمع على الأصوات المعارضة في المغرب إلى مستوى جديد مع اعتقال أربعة أفراد من عائلة اليوتوبر «هشام جيرندو» في أوائل شهر مارس.
هذا المغربي المقيم في كندا، والذي ينشط بشكل كبير على شبكات التواصل الاجتماعي يندد في منشوراته بـ«الفساد» الذي يتهم به شخصيات عامة وكبار المسؤولين في المملكة.
ورغم أن السلطات المغربية معتادة على ترهيب محيط المدافعين عن حرية التعبير، إلا أنها لم تقم حتى الآن باعتقال عدة أفراد من عائلة أحد المعارضين في وقت واحد. غير أن هذا ما حدث مع تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، التي اعتقلت شقيقة هشام جيراندو وزوجها وابنها وابنتها ملاك، البالغة من العمر 14 عاما، والتي تعاني من مرض نادر.
ويواجه الأشخاص الأربعة إلى جانب ناشط محلي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كان حاضرا وقت المداهمة، تهم التواطؤ في ازدراء هيئة دستورية ونشر وقائع كاذبة والمشاركة في جريمة التهديد.
ويُقال إن الفتاة القاصر، التي تم إيداعها منذ ذلك الحين في مركز لحماية الطفولة، اشترت شرائح إلكترونية لمساعدة عائلتها على التواصل مع هشام جيرندو، الذي تم تحديده كـ«مشتبه به رئيسي فار إلى الخارج» في بيان صحفي صادر عن النيابة العامة.
ويقول عياد أهرام، نائب رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في المغرب (أسدهم): «إننا نشهد بوضوح تشديدا للقمع»، ويرى رئيس هذه المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها، والتي شاركت في عدة قضايا، أن «المنطق السائد في كل هذه القضايا هو نفسه: إسكات الأصوات المنتقدة للنظام».
ويأتي هذا الاعتقال العلني لنفس العائلة في سياق يتميز بانتهاكات متعددة للحريات الفردية، وقد حكم على الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني يوم الإثنين 3 مارس، بالسجن ستة أشهر بتهمة «نشر ادعاءات كاذبة». وقد تم وضع هذا الخبير الاقتصادي البالغ من العمر 67 عامًا والأمين العام لمنظمة «ترانسبرونسي المغرب» تحت الحراسة النظرية في نهاية أكتوبر 2024 وأُفرج عنه بعد بضعة أيام في انتظار محاكمته، وهو متهم بنشر رسالة على حسابه على فيسبوك، في وقت زيارة «إيمانويل ماكرون» التي أرست التقارب بين باريس والرباط في عام 2024، تذكر اتهامات بالتجسس المغربي في فرنسا باستخدام برنامج Pegasus.
وطالبت عريضة أطلقت، الأحد 9 مارس، بمبادرة من عدد من جمعيات حقوق الإنسان المغاربية، بـ«إلغاء الحكم الصادر ضده وإطلاق سراح جميع سجناء الرأي في المغرب وفي بلدان المغرب العربي».
ويعتقد الصحفي أحمد بنشمسي، المتحدث باسم منظمة «هيومن رايتس ووتش» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن إدانة فؤاد عبد المومني توضح التحول في أساليب القمع في المغرب. وفي تقرير نُشر في صيف عام 2022، أوضحت المنظمة غير الحكومية، استنادًا إلى العديد من الشهادات وتحليلات المحاكمات، التقنيات التي تستخدمها المملكة «لإسكات الأصوات المنتقدة» و«تخويف جميع المنتقدين المحتملين للدولة».
وحاولت الرباط بعد ذلك إخفاء قمع المعارضين السياسيين الأكثر شهرة وراء إجراءات قانونية تهدف إلى تشويه سمعتهم، واتهامهم بالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي أو الاختلاس.
ولم تتم إدانة فؤاد عبد المومني بقضية أخلاقية زائفة أو اختلاس أموال، بل بسبب معارضته السياسية للحكومة. وفي اليوم التالي لإدانته، أرسلت المحاكم إشارة أخرى من الشدة بما كان تتعلق بقرار محكمة الاستئناف بمراكش والتي رفعت العقوبة ضد سعيد آيت مهدي من ثلاثة أشهر إلى سنة حبسا نافذا.
كان هذا الرئيس لتنسيقية ضحايا زلزال الحوز وثلاثة من رفاقه (المحكوم عليهم بأربعة أشهر سجنا نافذا) قيد الحبس الاحتياطي منذ نهاية عام 2024، وقد انتقد بطء إعادة الإعمار بعد زلزال عام 2023 وبعض المخالفات في منح المساعدات.
«النظام يخشى حرية التعبير، وفي السياق الصعب الذي يمر به المغرب، يجب على الشعب أن يصمت»، هذا ما يقوله المؤرخ المعطي منجب، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة عام في عام 2021 بتهمة «الاحتيال» و«المس بأمن الدولة»، ثم عفى عنه الملك في عام 2024.
ويصف المدافع عن حقوق الإنسان، البالغ من العمر 63 عامًا، والذي يعيش بالقرب من الرباط، السياق: «لقد تصاعدت وتيرة القمع في عام 2013، أثناء الانقلاب في مصر ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، من بين صفوف جماعة الإخوان المسلمين. ومنذ ذلك الحين، كان كل عام أسوأ من العام الذي سبقه، لكننا شهدنا تدهوراً أكبر منذ عام 2020، كما يقول. السبب الأول يكمن في غضب المجتمع المغربي، المرتبط على وجه الخصوص بارتفاع تكلفة المعيشة، وقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل حادٍ، وتجاوز معدل البطالة نسبة 20% في المدن، بل وأكثر من ذلك في الريف»، ولكن هذا ليس السبب الوحيد بحسب الأكاديمي. ويبدو المناخ مظلما في عينيه بعد انتخابات 2021، التي حسمت فوز الأحزاب القريبة من القصر واختفاء «جماعات المعارضة القوية» من المشهد السياسي.. اليوم لدينا البرلمان الأقل مطالبة منذ استقلال المغرب»، كما يعتقد.
ولا يزال العديد من نشطاء حقوق الإنسان في السجن، بمن فيهم وزير حقوق الإنسان السابق محمد زيان، في حين أدت موجة العفو، بمناسبة احتفالات عيد العرش في 29 يوليوز 2024، إلى إطلاق سراح منتقدين بارزين آخرين للنظام بمن فيهم الصحفيون: عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين.
واستفاد المعطي منجب أيضًا من هذا الإجراء من العفو «ولكن تأثيره على الواقع ضئيل»، كما يقول: «لا أزال مستبعدًا من وظيفتي وممنوعًا من مغادرة البلاد، وأموالي محجوزة، وحوالي عشرة أفراد من عائلتي قيد التحقيق».
ولا ينسى المدافعون عن حقوق الإنسان أيضًا قضية هؤلاء المغاربة الذين نددوا بالتطبيع مع دولة إسرائيل ودعوا إلى الدفاع عن الفلسطينيين. ويؤكد المعطي منجب أن «مظاهرات التضامن مع الشعب الفلسطيني هي الأكبر التي شهدناها في المغرب خلال السنوات الأخيرة»، حيث من المقرر أن تعقد محكمة خريبكة جنوب الدار البيضاء جلسة محاكمة أخرى للناشط محمد البوستاتي، الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي، بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي معادية لعملية التطبيع.
*منشور في لوموند – سيمون روجر، ترجمه إلى اللغة العربية الحياة اليومية.