أيمن سلام – صحفي متدرب
تتبعت الحياة اليومية ما يحدث بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، بخصوص أساتذة وأطباء داخله يستنكرون قرار طرد رئيس مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري، وينددون بالأوضاع التي بات يعيشها المستشفى وقرروا خوض إضراب مفتوح يشمل جميع الأنشطة غير الاستعجالية، ابتداء من 18 فبراير 2015، حسب ما جاء في بيان استنكاري لهم، توصلت الجريدة بنسخة منه في السابع عشر من شهر فبراير المنصرم.
واعتبرت الأطر المحتجة في البيان «القرار التعسفي الصادر بتاريخ 14 فبراير 2025، يتعلق بتغيير رئيس مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري، دون احترام المعايير القانونية والمهنية المتبعة، ما انعكس سلبا على أداء الفريق الطبي، وعلى سير العمل وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين»، علما أن «مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري تحت إشراف رئيسها السابق (م.خ)، تمكنت حسب ما جاء في البيان من تحقيق نتائج إيجابية ملموسة، متصدرة المراتب الأولى من حيث الأداء مقارنة بالمصالح الجراحية الأخرى، وفقًا للإحصائيات الإدارية للمؤسسة».
وتبعا لذلك، تواصلت الحياة اليومية مع ممثل للأطباء والأساتذة بقسم جراحة الدماغ والعمود الفقري بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، مؤكدا على وجود تجاوزات في تسيير إدارة المستشفى وقرارات غير سليمة، لا تخدم هذا القسم.
ويقول الأطباء والأساتذة على لسان ممثلهم في تصريحه للجريدة: «كان الأستاذ المبرز (م. خ) باعتباره رئيس مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري، يطلب من الإدارة معدات ومستلزمات طبية هي حق المواطن، وكان يُواجه بعدم توفرها أو عدم إمكانية طلبها وتوفيرها».
وذكر البيان الاستنكاري السالف الذكر، أن الأستاذ المنقطع عن العمل «رغم إهانته العلنية للفريق الطبي بألفاظ غير لائقة، ورغم إحالة ملفه إلى المجلس التأديبي، لم يتخذ بحقه أي إجراء تأديبي»، وحسب ما رصدناه خلال تتبعنا لهذا الملف فإن إدارة المستشفى كانت قد طلبت من الأستاذ المبرز (م. خ) إعادة إدماج نفس الأستاذ الذي انقطع عن العمل منذ أزيد من ثلاث سنوات، لكنه رفض.
وصرح الأطباء والأساتذة في هذا الصدد، على لسان ممثلهم قائلا لجريدة الحياة اليومية: «غادر هذا الأستاذ العمل أزيد من ثلاث سنوات، إلا أن المدير الجديد للمستشفى رغب في إعادة إدماجه بالإجبار، لكن رئيس المصلحة (م. خ) رفض العملية لعدم توفره على الوثائق الكاملة التي تعطيه صلاحية إرجاع هذا الأستاذ إلى عمله، وطالب بوثائق رسمية تخول له إعادة إدماجه. غير أنه عاد إلى العمل».
وبلغت علاقة مدير المستشفى مع رئيس المصلحة الأستاذ المبرز (م. خ) حد طرد هذا الأخير من عمله، بدون أية تبريرات واضحة، وفي ظروف وصفها الأطباء والأساتذة ب«غير القانونية»، بما أنه لم يقع في خطإ مهني جسيم ولم يغادر من تلقاء نفسه.
وتم تعويض رئيس قسم جراحة الدماغ والعمود الفقري، برئيس جديد لا ينتمي لنفس القسم، بل بطبيب جراح بقسم الجراحة الباطنية. ولأن كل أستاذ مبرز، هو طبيب بالمستشفى وأستاذ جامعي في نفس الوقت، فإنه يسهر على تدبير تكوين الطلبة الأطباء، وتتبع تداربهم داخل المستشفى وتقييمها وتأكيدها، مما قد يترك لا محالة إشكالات كثيرة لدى المتكونين.
وبعد هذه التغييرات التي طرأت، وفي خضم خوض الأطباء والأساتذة احتجاجهم تعبيرا عن رفضهم لها، تحدث كارثة مهنية بالمستشفى، إثر اتخاذ قرار يوم 12 مارس 2025 «عرّض حياة مريضة للخطر دون أي مبرر طبي مقبول» حسب ما تضمنه بيان لطاقم قسم جراحة الدماغ والعمود الفقري عبروا فيه عن صدمتهم العميقة واستنكارهم الشديد بخصوص ما حصل.
ويقول البيان إنه تم تجهيز مريضة تعاني من ورم دماغي وإدخالها إلى قاعة العمليات في تمام الساعة التاسعة صباحًا، واستكمال جميع التحضيرات الطبية اللازمة. وبعد أن قام أطباء التخدير والإنعاش بفحصها، تم وضعها تحت التخدير الكلي وربطها بجهاز التنفس الاصطناعي، ووضعها على طاولة العمليات استعدادًا للجراحة. إلا أنه في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحًا تفاجأوا بقرار يقضي بوقف العملية وتأجيلها دون أي سبب طبي مشروع.
وأورد بيان طاقم قسم جراحة الدماغ والعمود الفقري تعليقا على هذه الحادثة: «لم يكن هذا القرار ناتجًا عن حالة طبية طارئة، بل جاء لإفساح المجال لإجراء عملية لمريضة أخرى، حالتها لا تستدعي تدخلاً جراحيًا مستعجلاً، وكان من المفترض أن تُجرى في مصلحة جراحة الأنف والأذن والحنجرة. وبعد استفسارنا عن ملابسات هذا القرار غير المبرر، اتضح أنه تم اتخاذه من قبل مدير المستشفى، بالتنسيق مع رئيس قسم جراحة الأنف والأذن والحنجرة، وبإيعاز من أستاذ في قسم جراحة الدماغ والأعصاب، كان منقطعًا عن العمل لأكثر من ثلاث سنوات، وتمت إعادة إدماجه مؤخرًا في ظروف مشبوهة».
ويضيف الأطباء والأساتذة في ذات البيان: «ورغم محاولاتنا المتكررة لإقناع طاقم التخدير والإنعاش بعدم تنفيذ القرار حفاظًا على سلامة المريضة، إلا أنه تم فرضه علينا قسرًا، حيث تم إيقاظ المريضة بعد أن خضعت للتخدير الكلي، ثم نُقلت إلى قسم الإنعاش دون أي مبرر طبي حقيقي، مما يشكل انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات المهنة الطبية وتعريضًا غير مبرر لحياة المرضى للخطر».
قرارات في غير محلها، لا تخدم هذه المهنة النبيلة، ولا تدفع بهذه المؤسسة التي من شأنها مراعاة حياة المرضى واتخاذ ما يخدمهم من قرارات وتوفير ما يحتاجون إليه من أغراض لأخذ العلاج؛ إلى أداء وظيفتها، خاصة وأن مرضى قسم جراحة الدماغ والعمود الفقري يعانون من أورام سرطانية في الدماغ، ومشاكل أخرى تنخر أجسادهم، و يحتاجون عناية مركزة.
الأطباء والأساتذة بقسم جراحة الدماغ والعمود الفقري لم يستطيعوا التخلي عن المرضى الذين هم في حالة حرجة، ومع ذلك لازالوا متشبثين باحتجاجهم عن كل ما حصل ويحصل، ويطالبون بتحسين ظروف العمل، حيث صار المناخ حسب تعبيرهم: «مشحونا لا نستطيع فيه مزاولة عملنا كما يجب».
فهل يا ترى ستتدخل الجهات المؤولة بغرض إصلاح ما يمكن إصلاحه بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، أم أن الوضع سيستمر كما هو عليه؟
