ميلود عبوز*
عندما يصبح العفو اداة ايديولوجية لتطويع القطيع وللتسويق الدولي وليس أداة ديمقراطية لمصلحة المجتمع.
في الدول الديمقراطية التي يحكمها المجتمع يكون الهدف من السجن إصلاح السجين حماية للمجتمع واندماج افراده في ظل الانضباط الاجتماعي واحترام القانون تكون الدولة فيه هي القدوة، وينوب فيها العفو الرئاسي أو الشامل من البرلمان عن المجتمع بحيث لا فرق فيه بين المعتقل السياسي وسجناء الحق العام لان الهدف هو سلامة المجتمع وأمنه من الجريمة، حيث إن مبدأ المساواة بين كل السجناء والمعتقلين في الاستفادة من حقوق السجين والمعاملة بالمثل والاستفادة من الافراج عبر العفو سواء كان رئاسيا أو برلمانيا يعتبر الزاميا على الحكومات، ومادمت الدساتير العالمية والمواثيق الدولية والاتفاقيات والاعلانات العالمية تقر بذلك دون شرط او قيد فلا ينبغيأن يكون المغرب الاسثتناء من القاعدة، كما لا يجب أن يفهم على أن العفو هبة سياسية لاغراض ايديولوجية بل هو مطلب مجتمعي إنساني تحكمه الضوابط القانونية والأخلاقية، وأن أي مس بهذا الحق يعتبر انتهاك لحقوق الإنسان.
لكن لنسأل أنفسنا نحن المجتمع هل العفو في المغرب تحكمه الضوابط والمعايير الدولية ام تحكمه هواجس سياسية ايدبولوجية محضة؟ هل يستهدف حماية المجتمع من الأجرام؟ هل رفض العفو على معتقلي الرأي والاحتجاج هو لدواعي أمنية ضمانا لسلامة المجتمع وأمنه ام هو لغرض سياسي سلطوي؟ هل النقيب محمد زيان وقادة الحراك الريفي ومعتقلي حرية التعبير من المدونين يشكلون خطرا على المجتمع أم فقط، لأنهم يشكلون خطرا على النظام السلطوي المغربي لهذا تم استثناؤهم من العفو الذي هو حق لكل السجناء والمعتقلين السياسيبن دون خلفيات سياسية او حسابات ضيقة.
1500 من السجناء استفادوا من العفو الملكي الرئاسي من بينهم 31 سجينا حكموا في قضايا الإرهاب والتطرف، وكعادة عصابة المخزن في مثل هذه المناسبات لابد لها من الاحتفال والفخر والتطبيل وأجمعوا على أن المقاربة الأمنية في المغرب ناجحة وأعطت نتائجها، بحيث تم إصلاح وتهديب المفرج عنهم وأن عملية إدماجهم في المجتمع بعد إصلاحهم هي الهدف والغاية هكذا تم التسويق للعفو استخفافا بالمجتمع. وتبقى صيْحات المجتمع المدني والحقوقي في واد والدولة السلطوية في واد، المجتمع يريد والدولة السلطوية تريد وتفعل الدولة ما تريد ضدا على إرادة المجتمع صاحب الحق في النظر في الجريمة التي تهدد وجوده وأمنه واستقراره.
وإذا كانت الدولة المفروض فيها أن تكون القدوة لصلاح المجتمع وانضباطه أخلاقيا وفي احترام للقانون هي من يمتهن الإجرام بكل أشكاله وأن الذين يشكلون خطرا على المجتمع أحرارا محميون ويستعرضون عضلاتهم على المجتمع دون حسيب أو رقيب، وأن الأبرياء في السجون فكيف لنا أن نقبل الانتقائية في العفو لا تخدم مصلحة المجتمع التي هي الأساس بل تخدم فقط أجندة الاستبداد السياسي والاقتصادي والديني؟ فكيف نقبل كذلك من دولة تمارس الجريمة والإرهاب التي هي الخصم والمشكل وفي نفس الوقت هي الحكم وهي النجاة؟ كيف نقبل أن الإرهاب الوهمي هو أولوية الدولة على حساب حقوق الإنسان؟ لماذا يتجاهل النظام أن الحرية هي التي تحقق أمن وسلامة المجتمع وأن إعدامها باسم القانون خطر على المجتمع؟
*محامي.