خلقت مشاركة نساء ورجال التعليم في المغرب في عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي تتزامن هذه السنة مع الدخول المدرسي، جدلا واسعا بالمغرب، إذ يرى حقوقيون وسياسيون ومواطنون عاديون بأن الأمر سيؤثر لا محالَ في تاريخ دخول التلاميذ إلى حجراتهم الدراسية.
وبحسب ما أعلن عنه المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي، فإن إجراء الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى سيتم في الفترة الممتدة ما بين فاتح و30 شتنبر 2024، وهو الموعد الذي ينطلق فيه الموسم الدراسي الحالي 2024 – 2025 والذي يبدأ تحديدا في الثاني من الشهر نفسه.
وفي منشور حَثَّ رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الوزراء وكافة المسؤولين عن الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح اللاممركزة التابعة لهم، وكذا الجماعات الترابية إلى الترخيص للموظفات والموظفين العاملين تحت إشرافهم ممن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة والذين سيتم انتقاؤهم في المشاركة في الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024.
وبدورها، سمحت وزارة التربية الوطنية بمشاركة الأساتذة المعنيين في الإحصاء العام للسكان والسكنى، الأمر الذي يرى متتبعون بأنه تكريس للفشل في قطاع سيادي يشكل الأساس في بناء المجتمعات.
الحياة اليومية تساءلت حول كيفية تدبير وزارة التربية الوطنية للمعضلة؟ وكيف سيؤثر مثل هذا القرار على التلميذ؟
من وجهة نظر حقوقية وتفاعلا مع الموضوع، قال عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية حقوق الإنسان الهيئة الحقوقية الأكثير تمثيلية في المغرب ونائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، إن الرأي في هذا الصدد هو رأيي أنا وليس رأي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باعتبار أن الجمعية ليس لها مكتب مركزي الآن لاتخاذ الإجراءات. بحسب تقديري للأمور، فإن إشراك رجال ونساء التعليم سيضر بالدخول المدرسي المقبل على الأبواب، خاصة أن الإحصاء الذي سينطلق هذه المرة في بداية شهر شتنبر وسيستمر حتى نهايته، يتزامن مع الدخول المدرسي المقرر في الثاني من الشهر نفسه، مما يجعلنا أمام شهر من هدر الزمن المدرسي.
إشراك الأساتذة والأستاذات في عملية الإحصاء، سيجعلنا أمام ثلاثُ مستويات للتدريس في المغرب: القطاع الخاص الذي سيكون التدريس فيه بشكل عادٍ ولن يشهد أية مشاكل، ومدرسة الريادة التي جاءت في إطار تنزيل خارطة الطريق 2022-2026 لتجويد المدرسة العمومية، والتي تم عزلها من عملية الإحصاء وستتخذ أيضا مسارا عاديا، ثم تلاميذ القطاع العام الذي سيشهد تأخُّرا كبيرا. ومن هنا جاءت ملاحظتي بكون دور المَُدِّرس عمله التدريس في القسم وليس الإحصاء، خاصة أنه كان من الممكن إدماج أزيد من مليون ونصف عاطل العمل من حامِلي الشهادات أو حتى طلبة الكليات في هذه العملية ولمدة شهر كامل.
ماذا عن حملة التشهير التي تتعرض لها بسبب خوضك في الموضوع؟
الذين ينتقدون تصريحاتي اليوم هم من مُسَّتْ مصالحهم، ومن يتحدثون هم إما أساتذة من العدالة والتنمية الحزب الذي تم إقصاؤهم من عملية الإحصاء وهُمْ بهذا يحاولون جاهدا أن يُظْهِرُوا للدولة أنهم جيدين، وإما مجموعة أخرى من الأساتذة الذين يتخوَّفون من حرمانهم من منحة الإحصاء.
نقطة أخرى مهمة، هي كون السنة الماضية كانت سنة الإضرابات بامتياز؛ قس على ذلك أن شهر شتنبر مهم جدا في العملية التعليمية التعليمة لكونه شهر التقييم لمدراك التلميذ يبني على ضوئه الأستاذ للاشتغال والتطبيق، مما يدفعنا للتساؤل: كيف أن مرحلة التقييم نلغيها والعطلة البينية في الثامن من شهر أكتوبر؟
تبعا لذلك، يضيف ذات المتحدث، فالدخول المدرسي الفِعلي سيكون في الـ15 أكتوبر بكافة المستويات المشارِكة في الإحصاء، بالإضافة إلى أن الأمر سيؤثر في تأجيل جميع المباريات التي كانت ستجرى خلال شهر شتنبر سواء المرتبطة بمعاهد التدريس أو مراكز التفتيش وعموما جميع مباريات المعاهد الخاصة، علما أنه يوجد من سيقوم بهذا العمل البسيط للغاية والمتعلق أساسا ببرنامج رقمي مُثَبَّت بلوحة إلكترونية يتم تحميله بالمعلومات والمعطيات المرتبطة بالإحصاء، وهو ما يمكن أن يقوم به حاملو الشهادات وطلبة الكليات الذين سيستفيدون لا محالة من منحٍ تساعدهم سيَّما مع الخصاص المادي الذي يعيشون على إثره.
إن خصوصية الأستاذ كونه مرتبط بالقسم وبالتلميذ، وهو دور أي فاعل حقوقي الذي يبحث دائما عن الفئات الهشة التي هي في هذه الحالة: التلاميذ، وعن الخرق الموجود والذي يكمن في هدرِ حق هذه الفئة الهشة في التعليم لمدة شهر كامل. أما إن كان الوزارة ستلجأ إلى مسألة الضَمِّ فسيصبح الأستاذ أمام تحدي كبير وهو تدريس مستويَيْن مرة واحدة، مما تعتبر تضييعا لحق فئة أخرى من التلاميذ.
هل قرار إشراك نساء ورجال التعليم في الإحصاء العام للسكان والسكنى يكرس فشل الحكومة في تدبير قطاع التعليم؟
أكيد، ليس فشلا وإنما هو إفشال لمنظومة؛ هذا قرار سيادي كان يجب اختيار شهريْ يوليوز وغشت اللذيْن يتزامنان والعطلة الصيفية، وهو ما سيجعل للأستاذ حق الاختيار في المشاركة من عدمه وهو أمر لا يهم وحده آنذاك. ما يهمنا نحن هو التلميذ وعدم هدر الزمن المدرسي، كيف تكرس الوزارة تكريس الهدرس المدرس؟
إنها كارثة بكل المقاييس، المُعضلة هذه السنة أن الهدر المدرسي إرادي بقرار اتخذته الوزارة الوصية، لأنه الأمر لا يرتبط بواقعة زلزال الحوز حيث وجدت هذه الأخيرة نفسها مضطرة لتدبير الأزمة وفقط، بل هذا قرار سيادي اختارت فيه الحكومة شهر شتنبر كموعد للإحصاء العام للسكان والسكنى في ظل تغييب كلي لمصلحة التلميذ.