استقيت تعبير “المعلمون الحفاة” من تعبير مماثل استعمله الصينيون خلال سنوات “الثورة الثقافية” التي أطلقها الزعيم الصيني ماوتسي تونغ في ستينيات القرن الماضي، وهو تعبير “الأطباء الحفاة” .
كان أولئك “الأطباء” عبارة عن مجموعات متنقلة بينهم أطباء بالفعل، ومعظمهم من الذين تلقوا تكويناً سريعاً لعلاج السكان في المناطق النائية .
المؤكد أن المعلمين الذين يعملون في مدارس المناطق النائية يؤدون مهمة تستحق أكثر من التقدير، لذلك يبدو منطقياً مطالب النقابات بمنحهم تعويضات إضافية.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن “المعلمين” في المرحلة الابتدائية بمعظم الولايات الأميركية يتقاضون راتباً مساوياً لأساتذة الجامعات وأحياناً أزيد.
إنتقل إلى موضوع آخر، كنت قرأت أن قانوناً بريطانياً ينص على عدم قبول شهادة معلمي المدارس الابتدائية في المحاكم عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجنائية إذا كان المعلم أمضى في المهنة أزيد من 15 سنة. لا أعرف الحيثيات التي اعتمدها المشرع في هذا الجانب ، لكن هناك تفسيراً يقول إن تكرار المعلم دروسه يومياً، وعندما يلقى الدروس نفسها يضعف ذلك قدرته على التركيز، من هنا لا تقبل شهادته في القضايا الجنائية.
لكن إذا كانت شهادة معلمي المرحلة الابتدائية غير مقبولة في المحاكم، فإن بعض الناس يرون ضرورة التعامل بحذر مع “روايات” الصحافيين والمحامين.
أتذكر خلال زيارة إلى لندن قبل قرابة عقدين من الزمان، رفقة سبعة رؤساء تحرير من مختلف دول العالم، بدعوة من وزارة الخارجية البريطانية، نظمت لنا الوزارة برنامجاً حافلاً اشتمل على محاضرات من طرف أساتذة إعلام وجامعات ورؤساء تحرير وأعضاء في مجلس العموم.
من بين تلك المحاضرات محاضرة ألقتها مارغريت سكاميل وهي أستاذة في مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. قالت لنا تلك الأستاذة البريطانية إنها أعدت دراسة في الجامعة حول مصداقية بعض المهن وسط شريحة منتقاة خلصت إلى أن أكذب فئات المجتمع هم الصحافيون والمحامون وأن أصدق الفئات هم أساتذة الجامعات. لا أعرف كيف نحكم على هذه النتيجة لكن أظن أن فيها شيئاً من الصحة.
أعرج إلى موضوع آخر. بعض الصحافيين يقولون إن هذه المهنة هي “مهنة المتاعب”. هذا كلام فارغ ولا معنى له. من يختار مهنة عليه أن يدرك أيضاً مخاطرها.
أعتقد أن كل مهنة لها آفاتها.الصحافة كذلك لها آفاتها ولا أقول متاعبها.
عندما يتعامل الحداد مع النار يومياً ربما تطير شرارة وتحرقه أو تحرقه محله، فهل نسمي الحدادة “مهنة المتاعب”. ثم ان من يظن أنها “مهنة متاعب” من الذي أجبره على ممارستها.
الإتحاد الدولي للصحافيين يعتبر الصحافة من “المهن الخطيرة” لذلك ظل يطالب منح الصحافيين الحق في تقاعد مبكر بسبب “الأخطار التي تحدق بالذين يمارسون المهنة والأضرار الناجمة عن القلق والتوتر المستمرين اللذين يشعر بهما الصحافيون نتيجة مزاولتهم لهذه المهنة التي تؤثر على صحتهم وسلامتهم”.
أختم لأقول أن هناك مخاطر أخرى