قال الحقوقي والمؤرخ المعطي منجب إن «الفساد متفش في كامل المغرب»، وذلك في تصريح أدلى به خلال مقابلة مع الصحفي عمر بروكسي لموقع «أوريان 21»، بعد ثلاثة أيام من دخوله في إضراب عن الطعام، بعد منعه من مغادرة التراب الوطني لحضور ندوة نظمتها جامعة «السوربون».
وقال منجب في ذات الحوار المطول اطلعت الحياة اليومية عليه: أن «الفساد موجود في كل مكان في المغرب، ويمس حتى الطبقات الوسطى والدنيا، مشيرا إلى أن قطاعا الصحة والتعليم متأثران بشدة، دون أن ننسى تضارب المصالح وقضية التداول من الداخل المرتبطة بحقل الغاز في تندرارة».
وتحدّث منجب عما سماه «اقتصاد القمع»، في إشارة إلى السياسات التي تمارس ضده وضد منتقدين آخرين للنظام، مثل فؤاد عبد المومني، عمر الراضي، سليمان الريسوني، والشاعرة سعيدة العلمي، وأوضح أن هذا «النظام، من تصميم الشرطة السياسية، يسعى إلى تحقيق هدفين متناقضين ظاهريا لكنه يحقق فيهما نجاحا نسبيا: ممارسة أقصى درجات السيطرة على المجتمع، مع الحد الأدنى من القمع المباشر». وضرب مثالا على ذلك بـ«تقليص عدد المعتقلين مع ممارسة ضغوط قصوى، تشمل المتابعات القضائية المتعددة، والضغوط على العائلة والمقربين، والتشهير الممنهج».
وتابع قائلا: «في حالتي، نجد هذه الأداة البغيضة للحكم على الطريقة المغربية، عبر مئات المقالات التشهيرية شهريا. نفس الأمر ينطبق على حالة عمر الراضي». كما أشار إلى ممارسات أخرى مثل الفصل التعسفي للنشطاء أو أفراد من أسرهم.
وفي سياق تفسيره لظاهرة الاعتقال السياسي، قال: «في المغرب يقولون: اضرب الكبير يخاف الصغير. ولهذا السبب نجد رموزا بارزة في السجن، مثل المحامي المعروف والوزير السابق لحقوق الإنسان محمد زيان»، مشيرا إلى أنه «يمكننا أيضا ذكر قادة بارزين من حراك الريف، مثل ناصر الزفزافي، نبيل أحمجيق، محمد جلول، وثلاثة آخرين، معتقلين منذ ثماني سنوات. في حين أُطلق سراح المئات من الحراكيين الأقل شهرة بعد أيام أو شهور قليلة من الاعتقال. إنها حيلة تحكم معتادة: التكشير عن الأنياب حتى لا يضطر إلى استخدامها فعليا».
وأورد أثناء حديثه عن المعاناة والمضايقات التي يتعرض لها: «حسابي البنكي، سيارتي، منزلي… جميعها ما زالت مجمدة، ولا يحق لي التصرف فيها أو حتى التواجد في منزلي. هذا الوضع مستمر منذ أكثر من أربع سنوات، وهو غير قانوني تماما. ولهذا السبب لا تزودنا العدالة بأي وثيقة رسمية، لا لمحاميّ ولا لي، تثبت أن ممتلكاتي محجوزة.. وبالنظر إلى التجربة المؤلمة للربيع العربي، فإن القضاة الذين يعملون تحت سلطة التاج يتحاشون ترك أي أثر مكتوب قد يورطهم لاحقًا. لكن هذه القيود، مثل إجراءات المراقبة القضائية، تُعد بمثابة أحكام قانونية، ويجب أن تعلن شفهيا وأن تسلَّم نسخة موقعة منها إلى الدفاع عند الطلب. لم يحترم أي من هذه الإجراءات في حالتي. حتى محاميي منعوا من تصوير ملفي! فكيف يفترض بهم أن يعدوا دفاعا قانونيا؟».
وانتهى بالقول ساخرا: «على كل حال، كما يقول لي أصدقائي مازحين: محاموك ليسوا بحاجة للدفاع عنك… لأن المحاكمة نفسها متوقفة! في الواقع، توقفت إجراءات محاكمتي منذ عام 2021، وآخر استدعاء تلقيته للمثول أمام قاضي التحقيق كان بتاريخ 27 يناير من نفس السنة».