الحياة اليومية: عبد السلام اسريفي
لما تحدثت الفنانة الشعبية نجاة اعتابو عن الفساد بمدينة الخميسات، قال الذي يضع يده في قلب الكعكة، إن اعتابو لها حسابات ضيقة مع المسؤولين بالمدينة، وأنها تمردت بسبب عدم تمكينها من رخصة لفتح خمارة ليلية.
لكن الحقيقة المرة التي يتهرب منها المسؤولون بالمدينة هي أن ما جاء على لسان اعتابو ما هو إلا الشيء القليل مما تعانيه مدينة تعرف بمتناقضاتها وفسادها المستشري داخل كل المجالس المنتخبة المتعاقبة.
فبمجرج القيام بجولة قصيرة داخل المدينة يظهر لك مدى التهميش التي تعانيه الساكنة؛ غياب الإنارة العمومية في أغلب الأزقة خاصة تلك التي تتواجد في المحاور الخارجية، حفر في كل مكان تتسبب غالبا في حوادث السير، عدا عن انتشار الأمراض بسبب الغبار الكثيف المتسرب للسكان، فيما تتحول في الفصل الماطر إلى برك مائية تنبعث منها روائح كريهة تتسبب في الغالب في انتشار أوبئة خطيرة في صفوف الأطفال والنساء والشيوخ، وغياب بالوعات الصرف الصحي وتسرب المياه العادمة للمنازل، أضف إلى هذا إهمال واضح للنظافة وغزو الأزبال لمعظم الطرقات حتى وسط المدينة.
فيما تعترضك السلع المعروضة على الأرصفة وحتى في الطرقات مشكلة حاجز خطير يرغمك النزول للطريق العمومية أو الشارع، وهو ما يجعلك عرضة لحوادث السير في ظل غياب تصور مسؤول لاحتواء الباعة الجائلين في أماكن خاصة تضمن لهم الأمن والسلامة والرواج التجاري وللمواطنين السلامة اليومية.
أما المقاهي التي اكتسحت الساحات العمومية وحولتها إلى أماكن للراحة والوقت الثالث فحدث ولا خرج وكأن السلطة المحلية والمكتب الجماعي المسير في كوكب آخر، فاحتلال الملك العمومي بهذا الشكل يهدد أولا السلامة العامة للمواطنين، وثانيا يعتبر ترجمة لضعف السلطة المحلية والمجلس المنتخب أو بشكل دقيق تورطهما في صفقات مشبوهة.
ومن المفروض على رئيس المجلس الجماعي مع مكتبه الجلوس والتفكير الجدي والمسؤول لايجاد حلول عاجلة لهذه المعضلة وليس تقديم المسكنات وتوزيع الوعود فيما بين الدورات، فهذه صور حية من الفساد يضر بشكل دقيق مصالح الساكنة، وبالتالي السكوت عنه يعتبر تواطؤا وخرقا يوجب المحاسبة.
وعوض حرق الزمن في حسابات متجاوزة، على الكل (سلطة ومنتخين) تحمل مسؤولياتهم تجاه مصالح الساكنة، والسعي في تنزيل البرامج التي طالما زمروا لها طويلا سواء خلال فترة الانتخابات أو خلال تواجدهم في التسيير. فالقانون لا يرحم وتدبير الجماعة هي مسؤولية اجتماعية، قبل أن تكون مسؤولية سياسية، المفروض أن تدبر بشكل صحيح وشفاف بشكل تشاركي مع كل المتدخلين في الشأن المحلي بالمدينة.
ضف إلى ما سبق، فالقضاء على المنطقة الصناعية ومحاصرة كل البرامج ذات الطابع الاندماجي بالمدينة، حول الخميسات إلى فندق غير مصنف بالنسبة للعديد من السكان والمهتمين، لا شغل، لا تأهيل، لا صحة، فالمستشفى الإقليمي لا يتوفر على الأجهزة الضرورية للفحص الطبي، زد على هذا تحوله إلى قاعة انتظار تصدر زوارها إلى الرباط لغياب ظروف الاشتغال. أما المستشفى الجديد مازال ينتظر خاتم سلميان أو حتى سليمان نفسه، وهو ما يجعل الكل هنا يتساءل عن أسباب هذا التماطل بل ويطالب بإيفاد لجنة من الداخلية وفتح تحقيق في الموضوع.
الشيء الوحيد الذي يشتغل بالمدينة هي دور الشباب وجمعيات الأحياء والغيورين رغم إمكانياتهم القليلة، يحاولون دائما لفت انتباه المسؤولين بالمركز إلى الوضع الكارثي للمدينة ومحاسبة المتورطين في ملفات فساد، وهي كثيرة حسب تصريح فاعل حقوقي.
أما المؤسسة الإقليمية التي من المفروض أنها تمثل الدولة غائبة عن الصورة بشكل خطير، ما عدا بعض التدشينات هنا وهناك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وحضور بعض الاجتماعات حول المدينة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ففي ظل الجهوية المتقدمة، على عامل الإقليم التحرك في اتجاه تدعيم ملفات جماعات الإقليم داخل الجهة والترافع عن الإقليم ومصالح الساكنة خاصة في شقيه الاجتماعي والاقتصادي، فالساكنة تنتظر جلب الاستثمارات لتوفير فرص الشغل لأبنائها وتحريك العجلة الاقتصادية وتنمية المنطقة بشكل يجعلها قبلة للكل.