حذر خبراء الأمم المتحدة اليوم الجمعة، من أن الفظائع المتصاعدة في غزة تمثل نقطة تحول أخلاقية عاجلة، ويجب على الدول أن تتحرك الآن لإنهاء العنف أو أن العالم سيبقى شاهدا على إبادة السكان الفلسطينيين في غزة، وهي النتيجة التي من شأنها أن تؤدي إلى عواقب لا رجعة فيها على الإنسانية المشتركة والنظام المتعدد الأطراف، مطالبين بتدخل دولي فوري.
ووفق التقرير المفصل الذي نشرته الأمم المتحدة على موقعها الرسمي يتضمن إفادات لمقرريها، فقد قالوا: «بينما تتجادل الدول حول المصطلحات (هل هي إبادة جماعية أم لا؟)، تواصل إسرائيل تدميرها المتواصل للحياة في غزة، من خلال الهجمات من البر والجو والبحر، مما يؤدي إلى تهجير وإبادة السكان المتبقين دون عقاب»، مؤكدين أنه لم يسلم أحد، سواءً الأطفال، أو ذوو الإعاقة، أو الأمهات المرضعات، أو الصحفيون، أو العاملون في المجال الصحي، أو العاملون في المجال الإنساني، أو الرهائن، مؤكدين أنه منذ خرق وقف إطلاق النار، قتلت إسرائيل مئات الفلسطينيين، يوميًا في أغلب الأحيان، وكان أسوأها في 18 مارس2025، حيث أُحصي 600 ضحية خلال 24 ساعة، من بينهم 400 طفل.وقال الخبراء «إن هذا يعد أحد أكثر مظاهر تدنيس الحياة والكرامة الإنسانية فظاعة وقسوة».
وتابع فريق الخبراء أن هذا العدوان أدى إلى تحويل غزة إلى أرض خراب، حيث أصبح ما يقرب من نصف الضحايا من الأطفال، ولا يزال الآلاف من الأشخاص مشردين، وسجلوا أن أكثر من 52,535 حالة وفاة، 70% منها من النساء والأطفال، و118,491 جريحًا حتى 4 مايو 2025.
وأضافوا أنه منذ مارس 2025، وهو التاريخ الذي يتزامن مع نهاية وقف إطلاق النار، أعادت إسرائيل فرض حصار أكثر صرامة على غزة، مما أدى فعليا إلى حبس سكانها في البؤس والجوع والمرض. وقال الخبراء إنه “تحت القصف المستمر، ووسط المنازل المدمرة، والشوارع التي تحولت إلى مناطق إرهاب، والمناظر الطبيعية المدمرة، يواجه 2.1 مليون ناجٍ أزمة إنسانية خطيرة للغاية”. “لقد تم قطع إمدادات الغذاء والمياه لعدة أشهر، مما تسبب في المجاعة والجفاف والمرض، مما سيؤدي إلى المزيد من الوفيات التي تصبح حقيقة يومية لكثيرين، وخاصة الأكثر ضعفا، وشددوا على أنه في خضم هذه المذبحة، فإن التصريحات الإسرائيلية التي تتأرجح بين المنع التام للمساعدات وإطلاق المساعدات مشروطة بأهداف استراتيجية أخرى، تشير إلى نية واضحة لاستخدام المجاعة كسلاح حرب، وخلق حالة من عدم اليقين بين السكان فيما يتصل باحتياجاتهم الأساسية، وهو ما يزيد من خطر الصدمات النفسية ومشاكل الصحة العقلية، كما حذروا. وقال الخبراء: «إن تقديم المساعدات الإنسانية ليس فقط أحد أهم التزامات إسرائيل كقوة محتلة، بل إن الاستنزاف المتعمد للضروريات الأساسية، وتدمير الموارد الطبيعية، والدفع المدروس لجلب غزة إلى حافة الانهيار يؤكد مسؤوليتها الجنائية»، مشيرين إلى أن هذه الأفعال، بالإضافة إلى كونها جرائم دولية خطيرة، تشكل جزءاً من أنماط مثيرة للقلق ومثبتة من السلوك الإبادي الجماعي.
ودعا الخبراء الدول إلى تجاوز الخطابة واتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء المذبحة على الفور ومحاسبة الجناة.
العالم أجمع يُنصت، فهل ستحترم الدول الأعضاء التزاماتها وتتدخل لوضع حدٍّ للمجازر والجوع والمرض وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب يوميًا دون عقاب؟
يقول خبراء الأمم المتحدة بهذا الصدد: «لقد تم وضع المعايير الدولية خصيصا لمنع مثل هذه الأهوال، ومع ذلك، وبينما يتظاهر الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم من أجل العدالة والإنسانية، يتم إسكات دعواتهم». وأضافوا بأن هذا الوضع يبعث برسالة خطيرة مفادها أن حياة الفلسطينيين لا قيمة لها، والقانون الدولي إذا لم يتم تطبيقه فلن يكون له معنى”. وأكدوا أن حق الفلسطينيين في تقرير المصير لا رجعة فيه.
وأوضحوا أنه «يجب على الدول أن تتحرك بسرعة لإنهاء الإبادة الجماعية المستمرة، وتفكيك نظام الفصل العنصري، وضمان مستقبل يتعايش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون في حرية وكرامة»، مشيرين إلى أن «مذكرات التوقيف الصادرة عن محكمة العدل الدولية بحق قادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تتطلب اتخاذ إجراءات فورية والامتثال لها. ويطالب الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بإنهاء الاحتلال المطول، وقد حددت الجمعية العامة 17 سبتمبر/أيلول 2025 موعدًا نهائيًا لذلك».
وحذروا أيضاً من أن استمرار الدول في دعم إسرائيل مادياً أو سياسياً، بما في ذلك من خلال نقل الأسلحة وتوفير الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة، يعرضها لخطر التواطؤ في الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم الدولية الخطيرة، مشددين على أن «الاختيار خطير: إما البقاء سلبيين ومشاهدة مذبحة الأبرياء أو المشاركة في تطوير حل عادل. وعي العالم يستيقظ. “إذا ما أكدت العدالة نفسها، على الرغم من الهاوية الأخلاقية التي نغرق فيها، فإنها سوف تنتصر في نهاية المطاف»، كما أعلنوا.